قال شيخ القراء والمحدثين الإمام محمد بن محمد الْجَزَرِيّ الدمشقيّ رحمه الله تعالى في توجّهه إلى زيارة النبي ﷺ:
لِطيبةَ بِتُّ طول الليل أَسرِيْ*****لعل بها يكون فِكاكُ أَسْرِي
فجسمي عندهم والقلبُ مُضْنًى*****فباتوا يُدْلِجون وبات يَسْرِي
فكم بحرٍ وكم برٍّ قَطعْنا*****وخلَّفْنا الرِّفاق وراء نهر
وكم عامٍ نسيرُ وراء عام*****وكم شهرٍ ندورُ وراء شهر
أَفِرُّ إلى الحِمى حفظًا لديني*****وهل يُنْجِي المدينَ سوى المفرّ
إذا خشُنَ المقامُ بأرض قومٍ*****فقد حسُنَ المفرُّ لذا المقرِّ
على وادي العقيقِ جرتْ دُمُوعي*****دِماءً كالعقيق بِحَرِّ جَمْر
تُرَى لي هل إلى أُحُدٍ رُجوعٌ*****وهل أَحَدٌ إليه أُبِيحُ سِرِّي
وهل لي في البقيع هناك عَوْدٌ*****ومن لي أن يكون هناك قبري
أخي! إن جئت سَلْعًا قِفْ وسَلْ عن*****حُشاشة مُهْجَتِي وسَلاَمِيَ اقْرِي
وعُجْ بي في قـبـاء فـإنّ عُجْبِي*****لِبِئْرِ أريسَ كيف ارتاح صدري
وليس الماءُ ماءَ أبي وجدِّي*****ولا والله! ذاك البِئْرُ بئري
وما حبُّ الديار شَغَفْنَ قلبي*****ولكن حُبُّ ساكنِها لَعَمْرِي
مَنازِلُ حَلَّها قدمُ الْمُفَدَّى*****رسول الله محبوبي وذُخْرِي
رسولَ الله! جئتُك في انكسار*****من الآثام فارحمني بجَبْر
رسولَ الله! جئتُك مستقيلاً*****من الزَّلاَّت فَاكْنُفْها بستر
رسولَ الله! حيث ظلمتُ نفسي*****وجئتُك تائبًا فَامْنُنْ بغُفْر
رسولَ الله! كن لي شافعًا من *****تغابُن عند صفٍّ يوم حشر
رسولَ الله! يا حَسَنَ الْمُحَيَّا*****فَدَتْكَ النّفسُ يا سمعي وبصري!
رسولَ الله! كم لي من ذنوبٍ*****وعنها في حِماك هَوايَ عُذْرِي
رسولَ الله! ضيفُك نازلٌ*****في جوارِك عَلَّهُ يُقْرَى وتَقْرِي
رسولَ الله! ضعفي وانكساري*****لديك فَجُدْ على ضعفي وكسري
رسولَ الله! أنت لنا*****ملاذٌ ليوم كريهةٍ وسدادِ ثَغْر
رسولَ الله! ليت العُمْرَ يَفْنَى*****وفيك مَدائِحِي نظمي ونثري
وليت الشعرَ في عَلْياك يُرْضِي*****وهل يُرْضِيك مِنِّي ليت شعري
رسولَ الله! فيك شَدَدْتُ رَحْلي*****ولا أخشى وَحَقِّك قولَ نُكْر
وها أنا قائم وجّهت وجهي*****وما باليت حيث جعلت ظهري
جعلتُك قبلتي لدعاء ربي*****وأنت وسيلتي في كل عسر