لماذا انساق طيف من الإعلاميين العرب إلى "الدور الرديء" في برنامج يا أبيض، يا أسود..؟!/ د . إشيب ولد أباتي

 

شاهدت حلقة من برنامج "يا أبيض يا أسود على قناة "هلا arabia"
وكان موضوع الحلقة عن  مصير غزة، وسلاح المقاومة اللبنانية، والتطبيع، والانقلاب الداعشي في سورية، والحرب على إيران، والتدخل الأمريكي  لتغيير سياسة لبنان، وذلك خدمة  للكيان الصهيوني بعد حربه  الإجرامية، ولما تنته بعد على لبنان..!
وكان ضيفا الحلقة، هما  الدكتور طلال أبو غزالة، المفكر القومي، صاحب المبدأ، والمواقف الاستراتيجية،  والصحفي سيمون أبو فاضل..
وفي بداية اللقاء الشيق مع الدكتور طلال ابو غزالة الذي كان صريحا في مواقفه الرائعة، ولم يجامل، رغم المحاولة  الواضحة لإحراجه، لكن الرجل، تميز بالصدق مع نفسه حين قال، إنه ينظر إلى الأوضاع نظرة استراتيجية في حين أن ما يحدث ينظر إليه غيره نظرة تكتيكية أمريكية، وكان ذلك إشارة أولية لاستعداده للمواجهة في مستهل  رده على الأسئلة المصيرية وفق البرنامج الذي سأله أسئلة منها:  ما هو مصير العداء (لإسرائيل)، وهو سؤال غريب، وغرابته لا تخفى على المتلقي العربي، لأنها تشكل انزياحا، اقصاء للسؤال الملح، وهو ما مصير الأمة العربية في عدم مواجهة العدوان  الصهيوني - الامريكي على عرب  فلسطين، ولبنان، وسورية، واليمن، والشقيقة إيران..؟!
وكان أول جواب على السؤال  عن "غزة"، للدكتور طلال، أنها:  انتصرت، أما الاستجواب الوقح،  فعن موقفه من نزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث ارجع الموضوع إلى الشأن الداخلي اللبناني بعد إشارته الكيسة، إلى أن السلاح في المخيمات،  يراد  به الحماية في مواجهة العدو الصهيوني، وهي إحالة للمشاهد العربي إلى احتمال تكرار احتلال لبنان، وهذا يكفي للإشارة إلى ما حصل سابقا سنة ١٩٨٢ من  مجازر في مخيمي " صبرا، وشاتيلا"، وعين الحلوة، التي كان ضحيتها آلاف الأبرياء من النساء،  والأطفال، والمدنيين العزل .. 
وقد تكرر الاستجواب الذي، ينم عن ضحالة التفكير مقابل موقف المفكر القومي من التطبيع الخياني، والموقف من التغيير الارتدادي الذي قاده الداعشي المتصهين في سورية، والعدوان الصهيو- أمريكي على إيران، والجواب القاطع مع الاستدلال الذي  صرح به  الدكتور طلال  للتأكيد على أن إيران انتصرت بكل المقاييس، وهذا هو الموقف الصحيح، والمطابق للوقائع قبل أن يسعى فريق الإعلام العربي المتأمرك  لتزوير الحقيقة  بالدعاية الزائفة  بقصد  احداث بلبلة لدى الرأي العام العربي، والإسلامي، والعالمي..
وفي نهاية الاستجواب، جاءت  الثنائية الأرسطية " يا أبيض، يا أسود"، العنوان للبرنامج للدلالة على  أنه، يتهجى بمنطق مغالط  في فرض معطى انتقائي للثنائية التي مرجعيتها السياسية  من ليس معنا، فهو ضدنا"  البوشية"  نسبة إلى الرئيس الأمريكي الأسبق المجرم جورج بوش قاتل المليون طفلا عربيا في العراق أثناء الأحتلال الأمريكي.!

   والجدير بالذكر، أن البرنامج  قصد من اللونين: ابيض، وأسود الأداء السياسي، كما أوضح ذلك مقدمه، وحين وصل الدور لتحديد الموقف من الأشخاص، وصلت التفاهة مداها من الأخمص حتى  المفرق في  فحوى السؤال، وكأنه حول وجهة نظر، وليس متعلقا بالوجود المهدد لأمتنا العربية، ب "التطبيع" الخياني، وكانت إجابة الدكتور طلال، معبرة عن رؤية متكاملة، ومنسجمة مع مبادئه، كواحد من القوميين الذين لا ينساقون مع التيار الجارف للمنبطحين مهما جرف هذا الطيف ذي اللون الأسود في عميه، كأداء سياسي، جنبا الى جنب مع الأنظمة التابعة.
ويمكن القول دون مبالغة، إن هذا الطيف من الإعلام العربي بموقفه النشاز، يشكل "عينة" ممثلة  - وليس حالة فردية - للطابور الخامس الذي يؤدي دورا وظيفيا لصالح أعداء أمتنا، لذلك لا غرابة إن وجدنا تأييده للجولاني الداعشي، رغم الثنائية الطائفية التى توضحها اسماء ضيوف البرنامج، ورغم  ذلك، فقد وحد بينهما التماهي مع ما تريده  منهما أمريكا، لكن هل  يؤثر ذلك  على الوعي لدى المتلقي العربي، من الاحداث، كالانقلاب الأرتدادي في سورية الذي لا يستحق حتى التساؤل حوله، ليسأل عنه  الدكتور طلال، عن أعداء سورية من متغتصي الحكم، وقادتها الذين وقع عليهم الانقلاب الداعشي بالتحالف التركي، الصهيوني   خدمة للأخير  ضد سورية، فحسب، وليس ضد " بشار الأسد"،  فالحقيقة المكررة - كما يقول المناطقة -، أن الجولاني، كان داعشيا، يرسل جرحى جنوده للمشافي في فلسطين المحتلة، ليستقبلهم المجرم" النتن إياه"، ولذلك، فالجولاني لا زال داعشيا، وهو يمأسس تبعيته لأمريكا، والحكم على أدائه السياسي، يخطأ فيه من يتطلع بنظره خارج التقييم الحالك السواد  في زاوية البرنامج..؟
 وإن عبر الدكتور طلال عن رأيه  بالحكم على الكل بدلالة تعميم الجزء عليه، في أن ذقن، لحية الجولاني سوداء  في إشارة  على أدائه السياسي  منذ حكمه لسورية.
ولعل من المواقف التعليمية التي نبه عليها المفكر القومي الدكتور طلال، هو أن الحكم على القادة ، لا يكون بمعزل عن الثبات في المواقف المبدئية، وتمسكهم بها،  وذلك في التعليل على الثناء المستحق للراحل الإمام الخميني - رحمه الله -  نظرا لثباته على المبدأ، والصدقية في  السياسية.. 
…..
ولو أني غير مقتنع بالمعيارية التي انتقاها البرنامج، ومحاولة فرضها تعسفا على المتلقي، إلا أن الجانب الأبيض، الأداء المتميز  في البرنامج في هذه الحلقة التي شاهدتها، هو الموقف المبدئي للدكتور طلال، بينما الأداء الأسود في البرنامج،  بؤرته ذلك التطابق في الآراء  المشتركة التالية في المعالجة المختلة  للوضع في لبنان، وسورية، والموقف  المناهض للمقاومة اللبنانية، لأنه موقف، عبر عن السردية الأمريكية في سياستها ضد لبنان، وسورية، الأمر الذي أظهر المعاداة الصريحة لقوى المقاومة اللبنانية، ولحاضر الأمة العربية جمعاء…!
كالتصريح على الهواء، لصاحبه أنه في اجتماع داخل السفارة الأمريكية، كتب أن على اللبنانيين أن يتجاوبوا مع مطالب أمريكا قبل أن تنسحب عن التدخل السافر، والخارج عن كل شروط السيادة الوطنية، لتترك لبنان لشانه، و لمصيره الذي يعني ابناءه، وابناء الامة العربية، وهو الأمر الذي يعتبر "كارثيا في تقديره
صاحبه "، بينما اللبنانيون، والعرب كلهم، يتمنون  لو يحدث عكس ذلك، لأن " الكوجيتو" الصحيح، هو، أن " أمريكا هي الطاعون، والطاعون أمريكا "، العدوة، الشريكة في الحرب على لبنان، وتمارس سياسة عدوانية،،، وهي تريد استسلاما لكل الأقطار العربية، واسلوبها في ذلك الضغط على  الأنظمة العميلة، للرضوخ  لمطالبها، حتى يتسيد الكيان الصهيوني بدلا من مواجهته، وتكليفه أثمانا على عدوانه، وهذا يعني مزيدا من عدوانية أمريكا على الأمة، ونهب مقدراتها، لذلك، ف "المواجهة، أقل كلفة من الاستسلام" - على رأي يشار الأسد -.
والغريب، أن  نجد اتباع أمريكا يتغافلون عن هذه الحقائق المريرة، ويقدمون بدلا منها الوعود الكاذبة،، والوعيد بالويل والثبور وعظماء الأمور الأمريكية  للبنان العظيم، وسورية قلب العروبة النابض.
إن أمريكا، أو قل سيدة اتابعها من الطيف الإعلامي العربي  صريحة في عدائها، ومشاركتها العدوانية جنبا الى جنب مع العدو الصهيوني في الحرب على  لبنان، وسورية، كما على غزة، واليمن، وإيران، ومع ذلك فبرنامج" يا أبيض، يا أسود "  كشف دون حياء عن الموقف المغالط للمتلقي العربي…!  
وهذا يشير إلى الواجهة السوداء  " للدور الرديء" لبعض الإعلاميين العرب عبر قنواتهم، وبرامجهم الأسبوعية التي تبث التضليل  ضد أمتنا التي تتعرض  مجتمعاتها للإبادة الجماعية  التي استؤنفت بغزة، ومدن الضفة الغربية، وهي الإبادة الجماعية، والترحيل نحو المجهول،  وقد فجرا غضب البشرية المعاصرة، وأيقظا الضمير العالمي في مختلف القارات،،
بينما نجد طيفا من الإعلام العربي كالمفقوء البصر، والبصيرة، لأنه لا يفرق  بين الاختلاف المشروع في الشأن  الوطني، والقومي العربي، وبين الموقف الموحد تجاه الثوابت الوطنية، والقومية المشتركة في صراع الأمة مع الغرب الامبريالي بقيادة أمريكا، وحلفها العسكري العدواني ، والكيان الصهيوني.. !