شيب ولد أباتي لماذا لا نقف مع قوى المقاومة في ربع المواجهة الأخير.د. وذلك استكمالا لإنتصاراتنا في طوفان الأقصى المبارك..؟

د. إشيب ولد أباتي

لماذا لا نقف مع قوى المقاومة في ربع المواجهة الأخير.. وذلك استكمالا لإنتصاراتنا  في طوفان الأقصى المبارك..؟

في مقال الأسبوع الماضي،
ركزت  فيه على الجانب التوعوي، وأضاف عليه مشكورا زميلنا الأستاذ الفيلسوف عبد الرحيم برحيلة، مداخلة قيمة، ستتصدر هذا المقال، وذلك للتأسيس عليها في سبيل بلورة  رؤية مطلوبة، لقرائنا الكرام، ولفتح الأفق في التفكير فيما يقدم من مشاركات فعالة تؤطر الرؤى للمواطن العربي في مواجهة الدعاية، والوعي الزائف في الإعلام المتصهين الذي طغى بوسائل اعلامه لإغلاق الوعي الجمعي في  الأمة، بغسيل التضليل الذي طفى بامواجه التي ترمد العيون، لكنها لاتستطيع أن تفقئها، وبالتالي ستكون بمثابة الهباء المنثور في عواصف الصيف في صحراء العرب من "الربع الخالي" إلى شواطئ الأطلس العربية..

ومهما تعاظمت الدعاية الزائفة لتغطية برامجها في القنوات التي تستضيف  صحفيي  الغرب، ومهرجي الحزب الجمهوري الأمريكي، وكل متصهين، يستضاف من أجل إلقاء مقذوف سمومه التبشيري،  بأن الزمن الأمريكي-  الصهيوني، لا راد لمقاومته، بينما الحقائق على مستوى الميدان، تؤكد انهزام قادة هذا الزمن في اللحظة العابرة التي طمست شموع هذا الزمن الوهمي منذ ال٧ / أكتوبر ٢٠٢٣، لأننا قاومناه بالحق، والجهاد المقدس، فدمغنا  الأدمغة الخشبية،  فإذا هي خائرة، زاهقة بإذن الواحد الأحد، وذلك بصدق الإيمان عند  قوى المقاومة في غزة المجاهدة، ويمن البطولات، ولبنان المقاوم على درب قائد الأمة الشهيد حسن نصر الله، رحمه الله، و شهداء الأمة  في معارك طوفان الأقصى المباركة التي غيرت  وجه التاريخ بسرعة البرق، كما لو أنه  حركة  يد راقص في قمة الانتشاء، بعازفه الذي نوع نغمة الوداع، ولا وداع  لزمن الخذلان، و الأنبطاح للأنظمة المتصهينة التي فقدت مشروعيتها في الوعي الجمعي للمجتمعات العربية التي تتظاهر طيلة السبعمائة يوم ونيف ضد الإبادة الجماعية، وضد سياسة الأنظمة التي تستقبل  الصهاينة تحت دعوى، أنهم  هاجروا من اقطارنا العربية، لكنهم فقدوا كل علاقتهم بالوطن العربي كله، فلا وطن لهم فيه بعد، أن  تصهينوا، وارتكبوا الخيانات، والجرائم العظمى، فتلطخت أياديهم بدماء الأبرياء في جيش المنظمات الإرهابية الصهيونية المكونة لجيش الاحتلال المجرم.
وأكثر من ذلك ، فإن الأنظمة المتصهينة، لم تكف حتى الآن عن مساندة الكيان الصهيوني، كاستقبالها للسفن  العسكرية الحاملة للسلاح الموجه لموانئ الكيان الصهيوني، وذلك لقتل الابرياء في فلسطين، ولبنان، واليمن، وسورية، وإيران…!
ومقاومة هذه السياسة الرعناء، هي المبرر الموضوعي في الإصرار الشعبي المصمم على هزيمة العدو، ومتصهيني الأنظمة الذين  لم، ولن يستطعوا كبح الوعي في  المظاهرات الشعبية في معظم المدن، والقرى في مغربنا العربي الكبير، وذلك  مناهضة لهذه السياسة المتصهينة، وهذا يعد مؤشرا على فقدان الشرعية لتلك الأنظمة -  العتيدة -  بقمعها، وجبروتها الوهمي، لكنه " أضعف من بيت العنكبوت الصهيوني" - على حد تعبير سيد الشهداء -  بعد هزيمته في طوفان الأقصى المبارك،، وما غاب عن وعي أنظمة الفساد، والتبعية، والخور، والتشبث بالتعبيرات  اليائسة،  هو  أن المواطن العربي - و المغاربي تحديدا بالنظر إلى المظاهرات المذكورة من طنجة إلى تونس - ، يمكن أن يسامح تلك الأنظمة، وذلك حفاظا  على" الخوافي" المنتوفة بالكاد، المتبقية من مكتسبات المجتمع  التي تأسست عليها تلك  الأنظمة السياسية المتهالكة التي  تشكل في وعي المواطن - للأسف -   ارثا يداعب أحلام المواطن، تركته له  قوى حركات التحرير العربية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، غير أن كل شيء يمكن أن يسامح به المواطن العربي، إلا الخيانة العظمى حيال المقدسات في فلسطين، لأنها أول قبلة للمسلمين، وأرض الإسراء، والمعراج، وأرض الجهاد، وقلب الوطن العربي المحتل، ولا تقدما عربيا، ، أو نهضة دون  تحرير فلسطين من البحر إلى النهر - ونقطة على السطر كما يقال - .
ولأن حي المغاربة - بصيغة الجمع - ، كان ثكنة للدفاع عن الأقصى المبارك، ويجب أن تردف تلك الثكنة المجاهدة  بالدفاع عن غزة، وأكناف بيت المقدس، وهذا إرث جهادي تركهوا المجاهدون، واحفادهم، أمانة في أعناق  الصادقين إيمانا بالمعتقد في بعديه التعبدي، والجهادي..
لقد كتب زميلنا عبد الرحيم برحيل  الأستاذ، والمفكر العربي المداخلة التالية:
[ تحية مودة وتقدير للمفكر التنويري الدكتور اشيب ولد أباتي، مقال ناري كما العادة، في نظري مساندة المقاومة لمواجهة الكيان الصهيوني المهزوم، و هي واجب عربي واسلامي، وانساني، تتطلب استراتيجية محكمة. فصمود المقاومة في الميدان يحتاج إلى سند متعدد الأبعاد:
(١) -  الدعم المادي بمختلف أشكاله، فالمقاومة والشعب الذي يحتضنها بحاجة ماسة إلى الموارد التي تضمن استمرارية الصمود. هذا الدعم ليس عملاً عسكرياً، بل هو شريان حياة يضمن أن تبقى جذوة المقاومة مشتعلة، ويخفف من معاناة شعب يتعرض لأبشع أنواع الحصار والعدوان. 
(٢) -  أيضا يجب تفعيل الحشد الدبلوماسي والإعلامي. لا يمكن ترك المقاومة وحيدة في مواجهة الآلة الإعلامية الصهيونية والغربية. فالواجب العربي يقتضي تحريك الدبلوماسية في المحافل الدولية لفضح جرائم الاحتلال، وكشفها أمام العالم. وفي الوقت نفسه، يجب تكثيف الحملات الإعلامية الموجهة للرأي العام الغربي، الذي بدأ يدرك حجم الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني.
(٣) - ولا بد من استخدام الضغط الاقتصادي تجاه الكيان الصهيوني، فالمقاطعة ليست مجرد أداة رمزية، بل هي سلاح فعال يمكن أن يلحق ضرراً اقتصادياً بالكيان الصهيوني وداعميه. إن استخدام هذه الورقة يجبرهم على إعادة النظر في سياساتهم الهمجية الدموية، ويفرض على الصهاينة وقف عدوانهم. 
(٤) - و في اعتقادي مساندة المقاومة، هي استراتيجية متكاملة تبدأ بالدعم المادي، وتمر بالحشد الدبلوماسي، والإعلامي، ولا تنتهي بتفعيل الضغط الاقتصادي. إنها مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل إنسان حر والاسناد بالاحتجاجات بدأ يعطي ثماره ويعري المجرم الصهيوني عالميا، الكيان الصهيوني اصبح منبوذا وعزلته ستزداد وانهياره قريب.
مع مودتي واحترامي ]
   إن هذا  البرنامج الذي قدم زميلنا في نقاط  مركزة، هو الهدف الجامع المطلوب  في المقال السابق، وهذا المقال، لأن البرنامج يشكل إطارا عمليا نضاليا، تستدعيه الظرفية التي تمر بها قوى المقاومة في الربع الأخير من المواجهة التي يجب أن تلتحم فيها طلائع الأمة، علما أن الجمهور العربي العام، أكثر وعيا بضرورة الالتحام، والزحف المقدس نحو فلسطين، من قواه السياسية الحزبية المترددة  في دخول معركة طوفان الاقصى، وقد أدى رفض نظام بشار إلى المصير الذي لقيه شخصه بدون أسف، وإن كان على حساب سورية ومجتمعها، وأمتها.. 
 ولابد من إسناد قوى المقاومة، وذلك لترسيخ  نتائج النصر المؤزر للأمة، من أجل أسمى  الاهداف، ومنها، أن تعيش  مجتمعات أمتنا في أمن، وسلام، إذ لا أمن، ولا سلام في الحاضر، والمستقبل، ولا حياة كريمة في الوطن العربي، إلا بتحرير فلسطين من شذاذ الآفاق الذين جمعوا - في غفلة من الزمن -  من الشتات إلى فلسطين، وذلك بفعل سياسة  الإجرام لدى المحتلين الاستعماريين الامبرياليين في الغرب الإجرامي -  وبمشاركة تالية  للمجرمين في النظام الأمريكي الإمبراطوري الذي بدأ في الأفول، شأن كل الإمبراطوريات التي مارست الأحتلال، ونهب المقدرات  في الوطن العربي -  ويجب  تحصين  الوعي العربي بمواجهة الوعي الزائف، والدعاية المتصهينة، ولن يكون ذلك إلا بالمشاركة الفعالة،  باسناد المقاومة، ومجتمعاتها في فلسطين، ولبنان، ويمن الثورة العظيمة - لا يمن الخيانات الوطنية - .
لذلك عينا فتح صناديق الدعم المالي تحت مسمياته التالية: صندوق غزة المالي، وصندوق لبنان المالي، وصندوق يمن الثورة المالي.. وهذا ليس كثيرا على المواطن العربي الذي شارك آباؤه، وأجداده في حرب سنة ١٩٤٨، وحرب ٥٦، وحرب ٧٣، ومقاومة المحتل الصهيوني للبنان سنة ١٩٨٢م. 
لقد جاد العرب بالدماء الزكية خلال مراحل النضال العربي العظيم بزمنه الجميل الذي حدد هويتنا وطنيا، وقوميا، وعالميا، ورسم المستقبل المنشود لمجتمعاتنا..
وبالجهاد المشترك، وأقله، كان المشكات المادية التي كانت رخيصة عند مقدميها  في مجتمعاتنا رغم اختلاف الظروف  في المدن، والقرى، والأرياف حينئذ..
ففي حرب ٦٧، نقلت الوثائق الرسمية، والذاكرة - عبر التداول الشفهي المتداول -  التي ملأت الذاكرة الشعبية، وقدمت نماذج رائعة من الاستجابة في كل مجتمع  عربي،  تبرع  جماعات وفرادى، وذلك لتغطية تكاليف الحرب، وتعزيز المشاركة الدينية، والأخلاقية، والوطنية، والقومية .
وأسوق مثالين من موريتانيا، نظرا للأطلاع على المعلومات التالية، وليس دعاية للقطرية، الوعي الزائف، والبغيض الذي يستفزني.. فعن وزير من المخضرمين، الذي كان شاهدا على التبرعات المقدمة للحرب في سنة ١٩٦٧، أطنب في  تعداد انواع التبرعات التي كان معظمها من الإبل، والغنم، والبقر.
وهناك  مقابلة أخرى مع وزير التعليم الأسبق على عهد نظام الراحل المختار ولد داداه - رحمه الله تعالى -  الذي حكم في الفترة (١٩٦٠-١٩٧٨)،  فوزير التعليم الأسبق، وكان يعد فيلسوف النظام، قال : - في برنامج " الصفحة الأخيرة"، وهو واحد من برنامج  القناة الرسمية، ويمكن الاطلاع عليه في الرابط - إنه في إطار الجهود الفردية، كان مع زملائه، يدرسون في فرنسا، وجمعوا مالا من منحهم الدراسية، وأرسلوه  إلى تونس، وذلك بهدف تسليم المبلغ المالي لممثل الثورة الجزائرية في تونس،، وأنه بقي أياما، يستخبر ظروف الثورة، حتى لقي من هو مكلف بجمع التبرعات، فسلمه المبلغ، وعاد إلى فرنسا..
إن هذه القيم الحية  لتؤطر الوعي بالواجب الديني، والقومي، وهي التي يجب الاسترشاد  بها  للمشاركة في "طوفان الأقصى المبارك"، وإنجاحه،،
واخيرا:
كما شاهدت مشهدا يحرك عبراتي كمواطن عربي، يقارن بين بلوغ  مستوى الوعي العربي إلى هذه الدرجة العالية في منتصف القرن الماضي، وبين ما هو عليه الآن، رغم تقدم مؤشرات الوعي،، وهذا يشكل عقدة الذنب  بسبب تقصير الجيل العربي في الخمسين سنة الأخيرة.
قال صاحب التجربة، وهو صحفي عربي في المهجر خلال  برنامجه، إنه كان تلميذا في المرحلة الإعدادية، وقد بدأ وعيه المبكر، يدفعه دفعا، ليضن على نفسه بتناول فطور الصباح في أوقات  الاستراحة أثناء الدراسة، وذلك بتقديم قروشه لصندوق المجاهد الجزائري على حد تعبيره،، واستطرد قائلا، كان والدي يعطيني تلك القروش القليلة من أجل أن نستعين بها في مواجهة الجوع اليومي…" وهذا في حي الزرقة بالعاصمة  عمان الأردنية.
أما الآن فمجتمعات الأمة، تنعم بالخير العميم بالنظر إلى ما كانت عليه في الخمسينات، والستينات من القرن الماضي، ولذلك، نتمنى، أن  يقدم كل مواطن عربي قيمة نصف دولار في اليوم الواحد، وهي قيمة زهيدة، وكافية لتغطية المطالب المادية لتعمير المدن المدمرة بآلة السلاح الصهيونوية،  لأن نصف دولار من اربعمائة مليون عربي أكثر من المطلوب لمدة شهر واحد، فما بالك لو استمرت لمدة شهور،،
إنه ستسقط  كل مشاريع الصندوق المالي اليهودي  إزاء ما يقدمه المواطن العربي لمجتمعات قوى المقاومة التي تنوب عن الأمة في معركة المصير الوجودي…
ووالله، لو لم تنجح الأمة في معركتها الحالية، لأصبح الحكام يحرقون بالتالي  في الأعياد اليهودية، ومجتمعات عربية سبايا للصهاينة.. ولا تستغربين.
فهل نحقق ما نتمنى في هذا التوقع المتفائل بالمشاركة العينية، والمالية، لساندة "غزة  المجاهدة" التي تتعرض لإبادة التجويع، والتعطيش، وتدمير المساكن، وكذلك حال إخواننا من المدائن، والقرى في لبنان، واليمن؟
ذلك أقصى المبتغى.