تبدو ولاية لعصابه اليوم وكأنها تتعرض لعقوبات جماعية بالغة القساوة؛ فعلى الرغم من أن رئيس الجمهورية هو أحد أبنائها وإليها ينتمي وزراء وسفراء ومسؤولون كبار في القطاعين العام والخاص، فإن سكانها ما يزالون يعيشون على هامش الوعود بلا ماء ولا كهرباء ولا طرق وبلا خدمات صحية وتعليمية ذات مصداقية. فأية مفارقة أغرب من أن ينتمي رأس الدولة وكبار رجالاتها إلى ولاية ثم تترك أسيرة للفقر والعزلة والفساد؟
أحيانا تظهر ولاية لعصابه في الخطب الرسمية والزيارات المعلنة، لكنها تتوارى حين يتعلق الأمر بالفعل الملموس: مشاريع يتم الاعلان عنها قبل أن تتبخر، خطط تنموية ترسم على الورق قبل أن تضيع في دهاليز النسيان، مسؤولون محليون لا يرون في مناصبهم سوى غنيمة شخصية، وساكنة محبطة أصبحت تعتبر أن الفساد هو القاعدة وليست الاستثناء. وفي مثل هذا المناخ لا غرابة أن يغدو الإهمال عنوانا يوميا لحياة السكان حيث الشباب بلا أفق والقرى مهملة والمدارس إن وجدت بلا تجهيزات والمراكز الصحية والمستشفيات في أوضاع يرثى لها.
إن ما نشاهده اليوم في ولاية لعصابه، أصبح أكثر من قدرة ساكنيها على التحمل ولم يعد في الامكان فهمه باعتباره مجرد تقصير إداري أو تعثر مشاريع تنموية، لأنه في واقع الأمر بات يمثل امتحانا حاسما لمصداقية الدولة ولأخلاقيات الحكم. فأي فشل فوق أن يظل موطن الرئيس وكبار معاونيه ورجال أعماله يرزح تحت كل هذا القدر من العطش والحرمان والتهميش؟ وأية ثقة يمكن أن تبقى في حكومة تظل تعهداتها وخططها قاصرة عن أن تنعكس على أبسط تفاصيل الحياة اليومية؟
لقد غدا إنقاذ ولاية لعصابه اليوم واجبا وطنيا لا يقبل التأجيل، فولاية بحجم امتدادها الجغرافي ووزنها الديمغرافي وحجم رصيدها الرمزي ، لا ينبغي أن تبقى رهينة لشعارات زائفة ووعود كاذبة ووجوه شوهتها الرشوة والخداع والرداءة. لم نعد بحاجة إلى تلك التعهدات والخطابات الخشبية، وإنما إلى خطة إنقاذ حقيقية نستطيع قياس نتائجها على الأرض من خلال: ماء يتدفق في القرى، وكهرباء مستقرة في المدن، وطرق سالكة تربط السكان فيما بينهم ومع باقي الولايات، وخدمات أساسية تعيد للمواطن شعوره بالكرامة والانتماء.
الشيخ أحمد مودي مدير وكالة كيفه للانباء