وحدها الأصنام من ستبقى تدافع عن قبائلها

وحدها الأصنام من ستبقى تدافع عن قبائلها، وتذب عنها وتحامي عنها في الحرب، كما يدافع سيد القبيلة عن قبيلته، وهي الاصنام التي يروا أن أبناء القبيلة أبناؤها وأولادها، ولذلك كانوا يقولون عنها «آب» «أب» في كتاباتهم، ويكتبون عن أنفسهم «أبناء الصنم....» وتجد في شعرهم  أمثلة عديدة تشير إلى اعتقادهم باشتراك آلهتهم معهم في الحرب وفي انتصارهم لهم. ففي الحرب التي وقعت بين «بني أنعم» و«بني غطيف» بشأن الصنم «يغوث» يقول الشاعر:
وسار بنا يغوث إلى مراد ... فناجزناهم قبل الصباح
ويبقى  أعداء القبيلة أعداء لصنم القبيلة، وأعداء الصنم أعداء للقبيلة، فأعداء الآلهة وأعداء القبيلة هم خصوم لا يمكن التفريق بينهم.
وفي معركة أُحد، وهي من المعارك الحربية المهمة التي جرت بين الإسلام والوثنية على مستقبل العرب الديني، نادى أبو سفيان بأعلى صوته: «اعل هبل! اعل هبل!»؛ ليبعث الحماسة في نفوس الوثنيين وليستغيث بصنمه في الدفاع عن أتباعه المؤمنين به. أما المسلمون، فاستنجدوا بالله، إذ ردوا عليه ردة قوية عالية: «الله أعلى وأجل» فقال أبو سفيان: «ألا لنا العزى ولا عزى لكم» فأجابه المسلمون: «الله مولانا ولا مولى لكم»
وفي الحروب يحارب كل إله عن قبيلته، ويجهد نفسه في الدفاع عنها في سبيل حصولها على النصر. ولهذا السبب كانت القبائل والجيوش تحمل أوثانها أو صور آلهتها أو رموزها الدينية المقدسة معها في الحروب. تتبرك بها وتستمد منها العون والنصر. 
وقد أشير إلى «خيل اللات» في مقابل «خيل محمد صلى الله عليه وسلم »، في شعر لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، إذ قال:
لعمرك إني يوم أحمل راية ... لتغلب خيل الله خيل محمد
ومن أمثلة العرب: «لا تفر حتى تفر القبة»، أو«لا نفر حتى تفر القبة» ويراد بالقبة: قبة الصنم، أي خيمة الصنم التي تحمل مع المحاربين وتضرب في ساحة القتال؛ ليطوف حولها المحاربون يستمدون منها العون والنصر. كما كانوا يستشيرون الأصنام عند القتال، ويأخذون برأيها فيما تأمر به.
وقد جعلت العرب  عمر بن لحي «ربا لا يبتدع لهم بدعة إلا اتخذوها شرعة؛ لأنه كان يطعم الناس ويكسو في الموسم، فربما نحر في الموسم عشرة آلاف بدنة وكسا عشرة آلاف حلة»، وذكروا أنه كان ملكًا على الحجاز، وكان كبير الذكر في أيامه، إلى غير ذلك من قصص يروونها عنه.
وذكر «المسعودي» أن «عمرو بن لحي» حين خرج إلى الشأم ورأى قومًا يعبدون الأصنام، فأعطوه منها صنمًا فنصبه على الكعبة، وأكثر من الأصنام، وغلب على العرب عبادتها، انمحت الحنيفية منهم إلا لمامًا، فضج العقلاء في ذلك، فقال «شحنة بن خلف» «سحنة بن خلف الجرهمي»:
يا عمرو إنك قد أحدثت آلهة ... شتى بمكة حول البيت أنصابا
وكان للبيت رب واحد أبدًا ... فقد جعلت له في الناس أربابا
لتعرفن بأن الله في مهلٍ ... سيصطفي دونكم للبيت حجابا
وذكر أهل الأخبار أن «عمرو بن لحي» كان أول من غير تلبية «إبراهيم». وكانت: «لبيك لا شريك لك. لبيك»، فجعلها: «لبيك اللهم لبيك، إلا شريك هو لك، تملكه وما لك»، وقد كان «إبليس» قد ظهر له في صورة شيخ نجدي على بعير أصهب، فسايره ساعة، ثم لبى إبليس، فلبى «عمرو» تلبيته حتى خدعه. فلباها الناس على ذلك..
رفع الله عنا الغشاوات واذهب عنا الرجس وحفظ البلاد والعبادوابعد عنا التبديل والتغيير وغيب عنا عادات الجاهلية وحميتها وألزمنا كلمة التقوى وجعلنا أحق بها وأهلها فلا ألفا فحلها  أوعور ،ولاألفين فحلها أعمى، ولاسائبة، ولاوصلية ،ولاحام ...
أبي الإسلام لا أب لي سواه::إذا افتخروا بقيس أو تميم
دعي القوم ينصر مدعيه::فيلحقه بذي النسب الصميم
وما كرم ولو شرفت جدود::ولكن التقي هو الكريم
يحيى  ولد بيّان