ويأتي بعدنا قوم وقوم * يعيشون الحياة كما تراها
لست من أفضل جيل لكنني ممن اخذ الباكلوريا العام 1993 من ثانوية كيفه
وليس يعاد للإنسا ن دهر * إذا صفحاته يوما طواها
لعل جيلي من السبعينات والثمانينيات محظوظ بنقاء بيئته وصفاء ذهنه حيث درست الإبتدائية في المدرسة `1'بكيفة
كمادرست بثانوية كيفة التي أسست ايام العراق المجيد بقائده الشهيد صدام حسين في مدينة كيفه الحبيبة ،كنت أحفظ الدرس واكرره قبل أن يقدمه الاستاذ ،لصفاء ذهني ومتابعتي وحضوري، لا أعلم ان لي هما يشغلني عن التحصيل والتكرار ،كنت اغذي خيالي بالمطالعة،والشعر، والمسرح، وبرامج الاذاعات العالمية ،ومغمورا وفقيرا كالكثيرين من حولي ،اعيش بشعور مفعم بالكبرياء الجهنمي، والحمد لله الذي مد لي في عمري ولم ياخذني اليه في تلك الأيام، التي اتزر فيها برداء الكبرياء الذي يلقي الله صاحبه في النار ولا يبالي .
عشقت الفكر البعثي ،بعاطفة جياشة ، فانشغلت وشغلت لاتحول من الخامس علمي إلى السادس ادبي كانت المفاجئة أن أستاذ مادة الفلسفة يسلم ولد آوليل(اطال الله عمره )يكتب، بعد أن وضع أعلى علامة في الفصل على ورقتي في الاختبار الأول،يكتب:من أين تولد لديك هذا الاسلوب، وهي الاشارة او الملاحظة التي شحذت من همتي وافاضت نورا على نور ليفاجأ طلاب الفصل بأستاذ مادة اللغة العربية محمد المصطفى ولد بيه، حفه الله ،يضع هو الآخر ، أيضا ،أعلى علامة في الفصل على ورقتي ويكتب :يغلب عليك الاسلوب الفلسفي ،تقدم موفقا،أثارت النتيجة حفيظة احد طلاب الفصل الذي اعترض واحتج على الاستاذ المصطفى الذي رد عليه قائلا :أعلم ياولدي أنه لا علاقة تربطني بولد بيان وأنني عندما أصحح لا أنظر في إسم صاحب الورقة، غير انه يمكنني أن أشرح لك الفرق بينكما ،وكان الجميع في حالة اصغاء،أعلم يا ولدي أن مثل ما كتبه ابن بيان كماء مرجحنة عذب زلال سائغ شرابه نهلت منه وأن ما كتبته انت ياولدي كغدير ماؤه قذى عكر امتلأ زبلا وبولا .يقول عمر بن أبي ربيعة :
وما ماء مزن في ذرى مرجحنة=ولاما اقرت في معادنا النحل
باحلى من القول الذي قلت بعدما=تمكن من حيزوم ناقتي الرحل
(شربت من هذا وعفت ذاك فتفلته )
ويقول آخر:
اذا انت لم تشرب مرارا على القذى::ظمئت واي الناس تصفوا مشاربه
لم أحضر يوما واحدا لاستاذ مادة التاريخ والجغرافيا بحجة أن أسلوبه جامد ومتحجر وهو ما جعلني احكم عليه بالعجز وأقدم ذلك في شكاية مكتوبة لمدير الثانوية آنذاك المنير ولد الطلبة لاحصد في الباكلوريا(15\20)في مادة التاريخ ، الحمد لله على نعمه وفضله اللهم كما انعمت فزد ...
أيا غافرَ الذنبِ العظيمِ وساتره::ويامن له ذَلت رقابُ الجبابره
فعلتَ بنا من أولِ الأمرِ كله::جميلاً فأتبِع أولَ الأمرِ آخره
من صفحة الأستاذ /يحيى ولد بيّان